لتركستان الشرقية

التاريخ السياسى لتركستان الشرقية


التاريخ السياسى لتركستان الشرقية

شهدت تركستان الشرقية نشأة الحضارة التركية وقامت على أرضها منذ ما قبل الميلاد العديد من الدول التركية من أهمها :

إمبراطورية الهون (220ق.م – 216م) وكانت قبائل الهون من القوة والنفوذ والتهديد الدائم بغزو الصين مما أجبر حكام الصين من أسرة (جين) إلى بناء سور الصين العظيم عام 230 ق م لوقف هجماتهم ، ومع ذلك تمكن إمبراطور الهون (منه خان) من هزيمة الصينيين وفرض الجزية عليهم عام 200ق م.وكانت دولة الهون تضعف أحيانا فيسيطر الصينيون عليها، حدث ذلك عام 101ق.م ،60ق.م ،74م واستمر الحتلال الصينى لأجزاء من تركستان لمدة 101عاما.وفى الفترات الزمنبية بين دولة وأخرى كانت تركستان تخضع لحكم الأمراء المحليين أو الحكم الصينى الذى كان ينتهز لحظة الضعف والخلافات ليفرض سيطرته على المنطقة أو أجزاء منها.

إمبراطورية (تو – كيو)ويطلق عليها أيضا(كوك – تورك) (552- 745م)وقد أسست على يد (بومين خان) فى القرن السادس الميلادى وامتدت سلطتها من حدود الصين ومنشوريا إلى إيران وسواحل البحر الأسود وقد تمكنت من تحرير تركستان من سيطرة الصين وكانت أكبر الدول التركية المعروفة فى التاريخ القديم ، وفى عصرها بدأ استخدام اسم الترك المعروف.

دولة (توركش)(711 – 739م) وفى نهاية عهدها دخلت فى اضطرابات سياسية استغلها الصينيون واحتلوا أجزاء من تركستان الشرقية كما هاجموا مناطق من تركستان الغربية ،فتحالف ابن أمير (الشاش) مع المسلمين بقيادة زياد ابن صالح الخزاعى وتمكنوا من هزيمة الصينيين هزيمة مدوية فى موقعة (تالاس) –مدينة طراز الحالية بقازاقستان – 751م -134هـ وكانت واحدة من أكثر المعارك حسما فى تاريخ العالم – على حد تعبير بارتولد المستشرق الروسى الشهير – حيث أدت إلى زوال أى تهديد صينى لتركستان لمدة 1008 عام ، كما أدت إلى تحول وانحياز منطقة تركستان بأسرها إلى الحضارة الإسلامية على حساب الحضارة الصينية.

دولة الأويغور (740- 1260م) يعتبر الأويغور من أكثرالأقوام التركية تمدنا وتأثيرا فى تاريخ الترك ،وقد امتدت دولتهم فى بدايتها على المنطقة من جنوب بحيرة بيكال فى روسيا ومنطقة نهر سلنغا فى منغوليا حتى منطقة تورفان فى تركستان الشرقية ،وقد انهارت دولة الأوغور على يد القرغيز عام 840م وأعيد نشأتها فى العام نفسه على أغلب مناطق تركستان الشرقية .

الدولة القراخانية (880- 1141م)وتسمى أيضا الدولة الخاقانية أو دولة خانات تركستان . وهى دولة عاصرت دولة الأويغور ،ونشأت على يد إحدى قبائل أتراك الأويغور فى منطقة كاشغر التى اتخذوها عاصمة لهم ، وكانت من أكبر الدول التركية وسيطرت على غرب تركستان الشرقية وامتدت حتى سمرقند أى أنها وحدت تركستان الكبرى تحت حكمها ،كما دخلت دولة الأويغور فى تبعيتها ، وعاصرت الدولة السامانية وورثت أملاكها ، وعاصرت أيضا الدولة الغزنوية فى خراسان والهند ، كما عاصرت دولة السلاجقة وكان نهر جيحون الحد الفاصل بينهما، وحدث بينهما الكثير من الصراع والتحالف.وفى عصر الدولة القراخانية حدث التحول الكبير للأتراك إلى الإسلام حيث أسلم نحو مليون من الأتراك عام 960م – 349هـ ويرجح أن ذلك حدث فى عهد الخان (موسى بن ساتوق بغراخان) . وكان حاكمهم (ساتوق بغراخان) المتوفى عام 955م أول خاناتهم اعتناقا للإسلام وسمى نفسه ( عبد الكريم بغراخان) . وقد عمل القراخانيون على نشر الإسلام بين القرغيز وحتى حدود الصين ، كما تبنوا قيم وأحكام الشريعة الإسلامية واستبدلوا الأبجدية الأويغورية بالأبجدية العربية. وقد انقسمت الدولة القراخانية فى نهاية عهدها إلى دولتين شرقية فى تركستان الشرقية و عاصمتها كاشغر، وغربية وعاصمتها بخارى ، وقد قضت عليهما دولة القراخطاى –أو الخطا – وهم شعب خليط من الترك والمغول والتانجوت وكانت دولة بوذية وثنية فى شمال الصين بين عامى (916- 1125م) . وقد سقطت الدولة القراخانية الشرقية فى أيديهم عام 1128م،والغربية عام 1141م عقب هزيمة جيش التحالف السلجوقى القراخانى فى معركة قطوان . تمكن (كوجلك خان) زعيم قبائل النايمان بالتحالف مع الدولة الخوارزمية من القضاء على دولة القراخطاى واقتسام أملاكها ؛ وقد أذاق كوجلك خان المسلمين تحت حكمة جورا شديدا وأجبرهم على ترك الإسلام ،وانتهى حكمه على يد المغول عام 1218م ، وخضعت تركستان الشرقية بذلك لسيطرة المغول الذين عاملوا المسلمين معاملة حسنة.

الدولة الجغتائية (1251- 1514م)

نشأت تلك الدولة فى مناطق تركستان الشرقية والغربية وبلخ وغزنة بعد أن قسم جنكيز خان أملاكه بين أربعة من أبنائه فوقعت تركستان الشرقية فى خانيته . استعان المغول بالأويغور فى إدارة الدولة وتأثروا بهم كثيرا حتى أسلمت أسرة جغتاى عام 1357م ، وعرفوا بالمغول المتتركين وكانت دولتهم فى تركستان الشرقية قوية حتى تمكنت من منع تيمور لنك من احتلال تركستان الشرقية كلها. ضعفت الدولة الجغتائية بسبب النزاعات الداخلية وتكون إمارات مستقلة داخلها حتى انتهت بوفاة محمود خان آخر حكامها .

الدولة السعيدية (1514-1679م)

نشأت على يد سعيد خان الذى نجح فى توحيد تركستان الشرقية تحت حكمه واتسعت دولته حتى شملت جنوب حوض بلكاش ومنطقة بحيرة ايسيقكول وبدخشان وكشمير وأجزاء من التبت ، وكانت عاصمتها ياركند.

ضربت الصراعات السياسية والدينية الدولة السعيدية حتى تمكنت دولة القالموق – جونغار- المغولية من السيطرة على شمال تركستان الشرقية عام1679م، بينما خضع الجنوب لحكم الخوجوات المعلمين الذين تولوا السلطة السياسية والدينية وكانو سببا أساسيا فى إضعاف الدولة السعيدية بما أثاروه من خلافات . شهدت دولة القالموق صراعا على السلطة ، طلب أحد أطرافه مساعدة الصين له وكانت فرصة سانحة للصين للقضاء على القالموق واحتلال تركستان الشرقية ومنذ العام 1755م استعرت الحرب داخل تركستان الشرقية وتمكن الصينيون من احتلال القسم الشمالى الخاضع للقالموق عام 1758 بعد حرب ضارية ؛ ومن ثم اتجهت القوات الصينية للاستيلاء مناطق جنوب تركستان وكان تحت حكم برهان الدين خوجه آخر حكام الخوجوات والذى أبدى مقاومة كبيرة مع الشعب التركستانى ولكن قوة تركستان كانت قد أهدرت تحت وطأة الخلافات والصراعات السياسية والدينية الطويلة فسقطت تركستان الشرقية تحت الاحتلال الصينى عام 1760م فى عهد إمبراطورية (مانشو) التىكانت تحكم الصين فى الفترة (1644-1911م) وقد ارتكبت القوات الصينية جرائم ومذابح هائلة قدر عدد ضحاياها بنحو( 1,2)مليون نسمة كما تم تهجير نحو (22500) أسرة تركستانية مسلمة إلى داخل الصين ——— وكان ذلك مؤشرا على السياسة الدموية القاسية المتبعة منذ الاستعمار الصينى لتركستان الشرقية وحتى الآن .

الوسوم
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق